يقول الشاعر علي محمود طه في قصيدة  (سلي شفتيك) :

تــسـائـلـنـي حـلـوة  الـمــبـسـم :        مـتـى أنـت قــبـلـتـني فـي فــمـي؟

تـحـدثـت عـــنـي وعــن قــبـلـة         فيا لك مــن كـاذب مـــلــهــم!

فـقـلـت أعـاتـبـهـا: بـل نـسـيـت         وفـــي الثغر كانت و في المعصم

فـإن تـنـكـريـنـها فـمـا حيلتي             و هــا هــي ذي شــعـلـة في دمي

سـلـي شـفـتـيك بما حـــسَـتـاه           مـن شـفــتـي شـــاعـــر مـــغــرم

ألم تغمضي عــندها ناظـريك          وبــالــراحــتـيـن: ألــم تـحـتـمي؟!

هــبي أنــها نــعـمـة نـلـتـــــها            ومـن غـير قــصـد فــلا تـنـدمـي

فإن شـئـت أرجـعـتـها ثـانـية           مـضـاعــفـة لـــلــفــم الــمــنــعــم

فقالت و غـضـت بــأهـدابــها           إذا كان حـــقــاً فــــلا تـــحـــجــم

سأغمض عيني كى لا أراك           ومــا فــي صـــنـيـعك مـن مـأثــم

كـأنـك فـي الحلـم قبلتني               فــقـلـت و أفـديـك أن تـحـلــمي

 

                                     

لن تجد شاعراً يتغنى بالأسنان الصفراء  و الهاوية و بسؤ منظرهم ،ولن يسهر أحد الليلي لأجل  شفتين  متقرحتين  و لثة قد إنحسرت عن الأسنان ، ولن يروق لأحد بخر الفم الذي يفقد متلقيه رشده .

وقد يولي جميع الشعراء الأدبار إذا ما سمعوا عن سرطان الفم/  الحلق /  الحنجرة  أو البلعوم ، أعاذكم الله. وقد لا يتبقى في القلب و الشرايين موضع للحبيب و قد أعيا هما النيكوتين و هدمهم.

 أتدري أن حبيبتك قد تفقد فيك  الشفاه الجميلة و اللأسنان الناصعة التي يتغنى بها الشعراء اكثر من أي شخص آخر.

وأعني بكلمة "تفتقد" المعنى الحرفى للكلمة ، أي قد تفقد أسنانك و شفتيك و ما يحيط بهما (أجارك الله)

أقل ما تستطيع أن تعبر به عن حبك هو أن تحافظ لحبيبك على هيئتك في أجمل صورها.

تأمــل ما قاله عنترة ابن شداد العبسي عن عبلة :

ولقد ذكرتك و الرماح نواهلٌ                   مني و بيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السـيوف لأنـها                   لمعت كبــــارق ثـغـرك المبتسم

 

 الحياة جميلة ، و هي أجمل و حبيب قلبك بجانبك و تاج العافية على رأسك ، تبني مستقبلك بساعدك ، و تتلذذ بما بنيت و لا ترميه فريسة للتبغ.

لا تفعل ما يفعله نصف الشباب السوداني تقريباً اليوم ، أنا أتحدث عن التمباك السوداني ، الذي بز أقرانه في الدول الأخرى في قدرته الفائقة في تسبب سرطان الفم ، و تقدم بنا في مصاف الدول الفائقة الإصابة بسرطان الفم.

 كم من الأحباب سيبقي يقفون مع مريض سرطان الفم في رحلة العلاج المضنية ، ضحية التمباك ، و بائع التمباك ، ضحية العلاج و غلاء العلاج؟

أظن أن الجميع يجب أن يتدبروا حالهم و حال أحبائهم قبل أن يقدموا على وضع ذلك السم في أفواههم  و الهموم على أكتاف محبيهم.

يحكى أن إحدى الفاتنات كانت تحتسي القهوة مع مجموعة من الشعراء حين أفلت فنجانها و أنكسر على الأرض ، فوصف أحدهم المشهد  بالأبيات الرائعة  التالية:

ثمل الـفـنـجان لـمـا لامـست     شفتاه شفـتـيـها فــاسـتـــعر

فـتـلـظت من لــظــاه يـداهــا    وهو لو يدري بما يجني اعتذر

وضعته عند ذا من كفــــــها     يتلوى قــــلــــقاً أنــى استقـــــر

وارتمى من وجده مستعطفاً     قدميها ، وهو يبكي و أنكــسر